ربما لا يحظى المنتخب العراقي بنفس الشهرة العالمية التي تتمتع بها منتخبات البرازيل وإيطاليا وأسبانيا ولا يحظى المدرب الصربي بورا ميلوتينوفيتش المدير الفني للفريق بنفس الشهرة أو الأضواء التي تحاصر مدربين آخرين مثل كارلوس دونجا ومارشيلو ليبي وفيسنتي دل بوسكي.
ولكن المنتخب العراقي ومدربه الصربي نجحا في وضع اسم الفريق ضمن قائمة الكبار من خلال كأس العالم للقارات التي تستضيفها جنوب أفريقيا حاليا وتستمر حتى 28 حزيران/يونيو الحالي.
ويخوض المنتخب العراقي البطولة الحالية بصفته حامل لقب كأس آسيا 2007 ولكنه لم ينل ترشيحات كبيرة للوصول إلى المربع الذهبي في كأس القارات وذلك من خلال التوقعات التي سبقت البطولة والتي وضعت بشكل طبيعي المنتخب الأسباني كمرشح أول لحجز قمة المجموعة ومنتخب جنوب أفريقيا كمرشح أقوى للفوز ببطاقة التأهل الثانية من هذه المجموعة إلى الدور قبل النهائي.
لكن المنتخب العراقي فجر المفاجأة الأولى في المباراة الافتتاحية وانتزع تعادلا ثمينا مع صاحب الأرض بدون أهداف.
وفي الوقت الذي توقع فيه الكثيرون أن يمطر الماتادور الأسباني شباك أسود الرافدين بحفنة من الأهداف بعد الفوز الساحق لأسبانيا على نيوزيلندا 5/صفر في الجولة الأولى من مباريات المجموعة ، أكد العراقيون أنهم أسودا بالفعل وأوقفوا هجوم الماتادور بشكل كبير فكانت الهزيمة بهدف يتيم.
ويرى المتابعون للبطولة أن المنتخب العراقي يعتمد بشكل كبير للغاية على الأداء الدفاعي البحت منذ الدقيقة الأولى وحتى صفارة النهاية ولكن الحقيقة أن المنتخب العراقي تعامل بواقعية شديدة مع المباراتين أمام جنوب أفريقيا وأسبانيا.
ففي المباراة الأولى نجح في امتصاص حماس أصحاب الأرض وسط جماهيرهم المتحمسة وخطف منهم نقطة ثمينة.
وفي المباراة الثانية تعامل بواقعية شديدة مع المنتخب الأسباني في ظل الفارق الكبير في المستوى وفترة الإعداد وغيرها من العوامل التي ترجح كفة الأسبان فلم يندفع المنتخب العراقي في الهجوم ولكنه حرص على إغلاق منطقة جزائه بشكل كبير أمام الهجوم الأسباني القوي بقيادة فيرناندو توريس وديفيد فيا.
وخاض الفريق العراقي هذه المباراة سعيا وراء الخروج بأقل هزيمة ممكنة لكن نجاحه في الصمود أمام المنتخب الأسباني في بداية المباراة منحه الدافع للبحث عن نقطة التعادل ولكنه فشل في هدفه الجديد وحقق هدفه القديم وهو الهزيمة بأقل نتيجة ممكنة.
ولم يتردد بورا في الكشف عن فلسفته مع المنتخب العراقي في هذه البطولة حيث أعرب عن رضاه بنتيجة المباراة أمام أسبانيا متصدر التصنيف العالمي لمنتخبات اللعبة وأبدى سعادته البالغة بالعرض الذي قدمه فريقه في المباراة ونجاحه في تحقيق أفضل نتيجة ممكنة أمام فريق كبير مثل أسبانيا.
وأضاف أنه من المهم أن يتعرف كل مدرب على الفريق الذي يواجهه ومن ثم يعرف أفضل نتيجة ممكنة أمام هذا الفريق.
وأكد بورا أنه سيسعى بالطبع إلى تحقيق فوز كبير على المنتخب النيوزيلندي في المباراة الأخيرة له بالمجموعة ليرفع رصيده إلى أربع نقاط ربما تصعد به إلى الدور قبل النهائي.
ودافع بورا عن أسلوب لعب فريقه ورفض وصفه بأنه دفاعي بحت وإنما هو أداء منظم بالإضافة إلى اللعب بذكاء.
وقال "المنتخب الأسباني هو المنتخب الأسباني. ونحن نوليه كل الاحترام. لم أقل إننا قدمنا مباراة متكاملة ولكنني سعيد بأداء الفريق".
وأضاف "كرة القدم مثل الحياة ، يجب أن تراها وتستغل الإحصائيات والحسابات المتاحة أمامك. في المباراة الأولى سعينا إلى عدم الخسارة وفي الثانية كان يجب أن نحقق أفضل نتيجة ممكنة. وكان مهما ألا نخسر بفارق أربعة أهداف. يمكننا التأهل إذا بلغ رصيدنا نقطتين".
وأعرب العديد من رجال الإعلام الأجانب عن دهشتهم الشديدة من سعادة بورا بالهزيمة لكن مع انتهاء مباراة جنوب أفريقيا مع نيوزيلندا بفوز أصحاب الأرض بهدفين فقط أيقن الجميع واقعية بورا.
وإذا لم تشهد الجولة الثالثة من مباريات المجموعة أي مفاجآت سيكون من المنطقي أن يخسر أصحاب الأرض أمام المنتخب الأسباني الرهيب حتى ولو كان ذلك بهدف وحيد ومن ثم يستطيع المنتخب العراقي التأهل للمربع الذهبي بشرط الفوز على نيوزيلندا بثلاثة أهداف وربما يحتاج لتسجيل عدد أقل من الأهداف إذا خسر منتخب جنوب أفريقيا من أسبانيا بأكثر من هدف.
لكن بورا لم يكن الشيء الوحيد في المنتخب العراقي الذي لفت الأنظار بل كان هناك أيضا حماس اللاعبين وقتالهم في الملعب حتى اللحظة الأخيرة من المباراة رغم الظروف التي تمر بها بلاده حيث تأكد للجميع في جنوب أفريقيا أن فوز الفريق بكأس آسيا لم يأت من قبيل المصادفة وإنما نتيجة الروح القتالية العالية للفريق ونجاحه في تجاوز مثل هذه الفترات العصيبة التي تمر بها بلاده.
كما كان الدفاع المنظم للفريق أمام هجوم رائع مثل هجوم المنتخب الأسباني من أهم الظواهر التي لفتت أنظار الإعلاميين والمشجعين على حد سواء في كأس القارات بل إن البعض اعتبر الدفاع العراقي هو ثاني أقوى خط دفاع في البطولة الحالية بعد الدفاع الإيطالي.
ورغم رفض بورا لوصف أداء الفريق بأنه دفاعي فإن المباراتين اللتين خاضهما الفريق حتى الآن تؤكدان أن الفريق يتبع نفس الفلسفة الدفاعية التي اتبعها المنتخب الإيطالي في بطولات عديدة والتي فاز من خلالها بكأس العالم 2006 ومن ثم فإنه لا يمكن توجيه اللوم إلى أسلوب بورا والفريق العراقي لأن الفريق يعرف إمكانياته جيدا ويستطيع توظيفها بواقعية في مواجهة إمكانيات منافسيه.